إصدار لا بوبو المحدود: من لعبة فينيل إلى أيقونة لهواة الجمع

 

في مدينة عُرفت أكثر بالفنّ الراقي من ألعاب الفينيل، قد يبدو مفاجئاً أن تقع أبوظبي في حب "لابوبو". ابتكره الفنان المولود في هونغ كونغ كاسينغ لونغ، كدمية فينيل صغيرة ذات عينين جاحظتين وابتسامة شيطانية، فتحوّل من فضول يُباع في صناديق عمياء إلى مقتنى عالمي. كان سعره في البداية لا يتجاوز 20 دولار، لكن بعض النسخ النادرة من "لابوبو" وأعماله الفنية المصاحبة تُباع اليوم في المزادات بمئات آلاف الدولارات. يمكن أن تراه معلّق على حقائب "إيرميس"، أو بطل في مقاطع فتح العلب، أو مجسم بارتفاع 120 سنتيمتر على منصّات البيع. قد يبدو وكأنه هارب من حلم، لكنه شق طريقه في ثقافة البوب ويبدو أنه باقي لوقت طويل.

 

 

ما الذي يجعل "لابوبو" إصدار محدود؟

تُعرَّف إصدارات لابوبو المحدودة بالندرة والمفاجأة أكثر مما تُعرَّف بالتصميم. فعلى عكس الألعاب التقليدية التي تُنتَج بكميات ضخمة للترفيه، تأتي إصدارات لابوبو بعمليات طرح شديدة التحكم غير مُعلنة، والهدف أن تكون غير متوقعة. بعض المجسّمات تكون من نوع “تشيس” نادرة، تُخبأ عشوائياً داخل صناديق مغلقة. بينما تُطرح أخرى كإصدارات حصرية لمناطق معينة، أو مجموعات موسمية، أو تعاونات مع علامات تجارية بارزة تختفي من الرفوف بسرعة خاطفة. وللدلالة على ازدياد الطلب مؤخراً، شهد تجّار محليون مثل ذا ليتل ثينغز وماد ككس نفاد الإصدارات الجديدة خلال دقائق، بل دخلت منصات التوصيل المألوفة مثل ديلفرو وكريم في سباق إعادة التخزين.

من بين الإصدارات المحدودة الأخيرة برزت سلسلة ماكرون بألوانها الباستيلية الناعمة، وخط بيغ إنتو إنرجي المستوحى من الغرافيتي الجريء، ونسخة الشتاء الخاصة بـ كوكاكولا لابوبو. أما إحدى القطع الأكثر طلب في أبوظبي فكانت “لابوبو بخاخ الطلاء” المخفي، وهو مجسّم تشيس واحد من كل 96 قطعة ضمن مجموعة بيغ إنتو إنرجي، حيث وصلت أسعار إعادة البيع محلياً إلى أكثر من 9000 درهم. كما أن نوادر أخرى مثل لابوبو المستوحى من الغابة ونسخة تايلاند غود لك تو يو لم تصل أبداً إلى متاجر الإمارات، وهذا غذّى الطلب في السوق.

قفزة لابوبو إلى التيار العام ارتبطت بمتابعة المشاهير له. فقد بدأت الحمى حين شوهدت ريهانا تحمل لابوبو صغير معلّق على حقيبتها، ثم تبعتها كيم كارداشيان، ودوا ليبا، وليسا من بلاكبينك. حتى ديفيد بيكهام انضم إلى الموجة حين نشر صورة لابوبو بنيّ منفوش على إنستغرام (هدية من ابنته هاربر). ومع استمرار اندماج عالم الأزياء الرفيعة مع ثقافة الشارع وفن الجمعيات، برز لابوبو كرمز غير متوقع لكنه مؤثر في هذا التلاقي. جامعو لابوبو يتنوعون بين مؤثري الجيل زد، وتجار ألعاب مخضرمين، ومستثمرين جادّين في الفن، وكلهم ينجذبون إلى مزيج الندرة والسرد والبرودة الثقافية الفرعية التي يجسّدها لابوبو.

 

لا بوبو بالحجم البشري بقيمة 150,000 دولار

يتجاوز عالم لابوبو مجرد تعليقات صغيرة على الحقائب. ففي يونيو 2025، تصدّر الخبر عناوين الصحف حين بيع إصدار بلون أخضر نعناعي بارتفاع 131 سنتيمتر بأكثر من 150,000 دولار في مزاد يونغلي إنترناشونال المخصص للا بوبو في بكين. شكّل ذلك فصل جديد في موقع الشخصية داخل سوق الفن، فباتت نسخ لابوبو العملاقة تقع في منطقة وسطى بين منحوتة فن البوب وظاهرة ثقافية.

نسخة أخرى أكثر ندرة، معروفة بين المعجبين باسم شادو براوني، بيعت بما يقارب 130,000 دولار خلال المزاد نفسه، بينما تجاوزت ثلاثية منحوتة بعنوان ثري وايز لابوبو التوقعات. هذه المبيعات تعكس تحوّل أوسع في النظرة؛ فبعد أن كانت تُرى كقطع ترفيهية مرتبطة بجمهور ضيق، صار الجامعون يتعاملون مع لا بوبو بالجدية ذاتها التي يخصصونها للمطبوعات النادرة أو الأحذية الحصرية.

 

ما وراء دمى "لابوبو": أغلى لوحات "لابوبو"

على عكس الكثير من صيحات "تيك توك" التي تدفعها الخوارزميات فقط، فإن "لابوبو" متجذّر في العالم الفني للفنان كاسينغ لونغ، رسام مخضرم تستوحي شخصياته القزمية من الأساطير الإسكندنافية والحكايات القديمة. عوالمه البصرية تمزج بين الكوميديا والغرابة، فتخلق مشاهد أشبه بذكريات الطفولة إذا ما شوهدت بعدسة سريالية.

أعمال لونغ عُرضت في معرضين فرديين كبيرين، في صالة "كايكاي كيكي" بطوكيو، و"سحابي" في "هيداري زنغارو"، وكلاهما تحت إشراف الفنان الياباني تاكاشي موراكامي. هذه المعارض أكدت العمق العاطفي وراء ابتسامة "لابوبو" الشهيرة، ورسّخته كرمز متكرر في لغة بصرية ثرية نفسياً.

لم يكن صعود الشخصية سريعاً كما قد يُعتقد، بل جاء بطيئ ومتدرج. ففي عام 2023، أدرجت دار سوذبيز هونغ كونغ عمل نحتي بعنوان ثلاثة لابوبو الحكماء، لا تسمع، لا ترى، لا تتكلم، وقدرت قيمته بنحو 50 ألف دولار هونغ كونغي (حوالي 6,400 دولار أمريكي)، ليكون أول ظهور لـ "لابوبو" على مسرح المزادات العالمية. تبعتها دار فيليبس ببيع لوحة مستوحاة من "لابوبو" بعنوان مون، حققت 330,200 دولار هونغ كونغي (42,120 دولار أمريكي). ثم جاءت دار كريستيز لترفع السقف في مارس 2025 بعمل أكريليك على قماش بعنوان بلاستيك متحمّس، بيع بأكثر من 780 ألف دولار هونغ كونغي (100 ألف دولار أمريكي)، أي نحو ثلاثة أضعاف الرقم القياسي السابق للونغ في المزادات.

 

ما الذي ينبغي مراقبته لاحقاً في عالم "لابوبو"؟

رغم طرافته وابتسامته القزمية، فإن مسار "لابوبو" يشبه إلى حد كبير أبرز الفنانين المعاصرين اليوم: وُلد عبر الإنترنت، نما عبر جماهيرية المعجبين، ثم حظي بالاعتراف في عالم الفن. ومع هذا الزخم، تواصل شركة بوب مارت، القوة الدافعة وراء الصعود الصاروخي لـ "لابوبو" – مسيرتها بلا تباطؤ. فقد أبقت التعاونات الأخيرة مع العلامات التجارية، مثل إصدار كوكاكولا الشتوي أو الشائعات حول تعاون مع نجم من موسيقى الكي بوب، جامعيه في حالة ترقب، بينما تواصل قيمته الارتفاع لمستويات جديدة.

 

في الأشهر المقبلة، ليس من المستبعد أن نشهد دور أعمق لدور الأزياء، والفنانين الرقميين، ومنصات الرموز غير القابلة للاستبدال (إن إف تي) في هذا الكون المتسع لـ "لابوبو" (خصوصاً الأخيرة، فهي تقوم على نفس مبادئ الندرة والسرد). ومع تلاشي الخط الفاصل بين اللعبة والجائزة، تتسع ابتسامة "لابوبو" أكثر فأكثر: رمز ماكر لمرحلة جديدة من عالم الجمع والاقتناء.