أفضل المواقع التاريخية في أبوظبي التي يجب عليك زيارتها

 

عند ذكر اسم "أبوظبي"، يتبادر إلى الذهن فوراً مشهد الأبراج الشاهقة والمنتجعات الشاطئية الفاخرة وخيارات الترفيه العالمية مثل سباقات الفورمولا، وبطولات الفنون القتالية، وبطولة الغولف الكبرى في العاصمة.

هذه المدينة العصرية  تولي اهتمام كبير بتاريخها العريق، ويتجلى ذلك في وفرة المواقع التراثية والثقافية المنتشرة فيها. فقد كانت أبوظبي موطن لحضارة أم النار القديمة التي سكنت هذه الأراضي قبل نحو خمسة آلاف عام، وهي اليوم تضم مجموعة من أبرز المعالم التاريخية في المنطقة. تعرف فيما يلي على أهم المواقع التاريخية في أبوظبي.

 

 

قصر الحصن

يُعد قصر الحصن أقدم مبنى حجري في مدينة أبوظبي، ويقع في شارع راشد بن سعيد آل مكتوم، ويُعرف محلياً باسم "الحصن القديم". بُني القصر في بدايته عام 1761 على شكل برج لمراقبة والدفاع عن بئر الماء العذب الوحيد في جزيرة أبوظبي آنذاك.

وفي عام 1793 تم توسيع البرج ليصبح حصن، وأقام فيه الحاكم آنذاك الشيخ شخبوط بن ذياب آل نهيان، الذي حوّله إلى المقر الدائم لحكام الإمارة.

شهد القصر عملية ترميم شاملة في ثلاثينيات القرن الماضي، حيث أُعيد بناؤه بشكله الحالي بتمويل من أوائل عائدات تراخيص النفط في الدولة. لم يعد القصر يُستخدم اليوم كإقامة ملكية، بل أصبح مركز للبحوث التاريخية والأثرية والمعمارية.

وهو مفتوح أمام الزوار ويُعد فرصة مميزة للمقيمين والضيوف للتعرف على تاريخ المنطقة وثقافتها العريقة. كما يُستخدم القصر كموقع رئيسي لإطلاق المدافع خلال شهر رمضان، وهو حدث ثقافي مميز يستحق المشاهدة.

 

قرية التراث الإماراتية

على الرغم من أن قرية التراث الإماراتية ليست موقع تاريخي أصيل بحد ذاتها، إلا أنها تتيح للزوار فرصة فريدة لاكتشاف ماضي الإمارات والتعرّف على نمط الحياة الإماراتي قبل أن تتحول أبوظبي إلى المدينة الحديثة التي نعرفها اليوم.

في هذا المكان الغني بالتقاليد والعادات الأصيلة، يمكن للزائرين الاستمتاع بركوب الجمال، والتعرف على الحرف اليدوية القديمة، والتجول في الأسواق التقليدية التي تعيد إلى الأذهان أجواء الماضي الجميل. كما تنتشر في القرية مباني تحاكي الطراز المعماري الإماراتي القديم، وتمنح الزائر تصور حيّ عن شكل الحياة في تلك الفترة، بينما يقوم الحرفيون المهرة بنسج وصناعة المنتجات التقليدية أمام الزوار.

تُعد القرية وجهة مثالية لكل من يرغب في التعرف على حياة الإماراتيين قبل النهضة الحديثة، فهي تذكّر بالجذور وبالطريق الذي أوصل دولة الإمارات إلى ما هي عليه اليوم.

 

قلعة الجاهلي

شُيّدت قلعة الجاهلي على يد الشيخ زايد بن خليفة آل نهيان عام 1891، وكان الهدف الأساسي من بنائها حماية مزارعي النخيل في المنطقة من غارات القبائل المجاورة. تقع القلعة بالقرب من واحة العين، التي كانت تمثل مورد مائي استراتيجي مهم، ولهذا جاء بناؤها ليحمي هذه المنطقة الحيوية. تتميز القلعة بجدرانها الطينية السميكة ومنظرها المهيب المطل على الصحراء الممتدة خلفها.

في زمن بنائها، كانت المنطقة ذات أهمية استراتيجية كبيرة لقربها من الحدود العُمانية، مما زاد من أهمية القلعة ومكانتها، وساعد الشيخ زايد في تعزيز سلطته وتوطيد الأمن بين القبائل البدوية في المنطقة. لاحقاً، استُخدمت القلعة كملاذ صيفي للحاكم بفضل مناخ العين المعتدل نسبياً مقارنة بالمناطق الساحلية، حيث تُعد العين أكبر مدينة داخلية في دولة الإمارات.

منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي، أصبحت القلعة وجهة سياحية بارزة، ولم تعد تؤدي دورها الدفاعي، خاصة في ظل فترة السلام الطويلة التي تنعم بها دولة الإمارات وسلطنة عمان. وتُعد القلعة مثالًا رائعًا على العمارة الإماراتية في القرن التاسع عشر، وهي من الوجهات التي لا ينبغي تفويتها لعشّاق التاريخ والرحلات الثقافية.

 

واحة العين

وخلال وجودك في المنطقة، لا يمكنك أن تغادر دون زيارة واحة العين، التي تقع على بُعد دقائق قليلة من قلعة الجاهلي. تقع الواحة في الجهة الشرقية من مدينة العين، ويعود تاريخها إلى أكثر من أربعة آلاف عام، وتمتد على مساحة تتجاوز 1200 هكتار.

تُروى الواحة بنظام ري قديم يُعرف باسم "الفلج"، يعتمد على جلب المياه من الآبار الجوفية إلى السطح، وهو نظام استخدم على نطاق واسع في مناطق عديدة من الشرق الأوسط مثل عمان وإيران وحتى الهند. تضم الواحة أكثر من 147 ألف نخلة تمثل أكثر من 100 نوع مختلف من التمور.

حاليًا، تم إدراج واحة العين ضمن قائمة مواقع التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وذلك لما تحمله من قيمة تاريخية وهندسية كبيرة. وتُعد الواحة اليوم ملاذ طبيعي هادئ في قلب المدينة الصاخبة، وشاهد حي على عبقرية الإنسان الإماراتي في التكيف مع بيئته الصحراوية.

 

كاتدرائية القديس يوسف

تقع كاتدرائية القديس يوسف في قلب مدينة أبوظبي، وتُعدّ من أهم المعالم الدينية والثقافية التي تعكس روح التسامح الديني في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تحظى الديانات المختلفة بالاحترام والتقدير من قِبل قيادتها الحكيمة.

بُنيت الكاتدرائية في أوائل ستينيات القرن الماضي، وتُعتبر أول وأقدم كنيسة مسيحية في المدينة. وقد تبرع بالموقع الحاكم آنذاك الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان. لاحقاً، تقرر نقل الكنيسة إلى موقع جديد، فوُضع أساسها عام 1981، وتم افتتاحها رسمياً عام 1983 بحضور الشيخ شخبوط نفسه.

اليوم، تُعد الكاتدرائية مركز روحي لأكثر من 100 ألف من الكاثوليك المقيمين في أبوظبي، القادمين من مختلف أنحاء العالم، حيث تُقام فيها الصلوات بعدة لغات لتلبية احتياجات هذا التنوع الثقافي. وتُعد من أبرز الأماكن التي تبرز التسامح والتعايش الديني في الإمارات، وهي محطة مهمة لعشاق المعالم الدينية ذات القيمة التاريخية.

 

سوق الجمال في العين

يُعد سوق الجمال في العين من أكثر الأسواق التقليدية إثارة للاهتمام في دولة الإمارات، إذ يمنح الزوار فرصة نادرة لاكتشاف جانب أصيل من ثقافة البدو القديمة. وعلى الرغم من أن السوق يتركز في المقام الأول على تجارة الجمال، إلا أنه يضم مزادات لبيع الماشية مثل الأغنام والماعز.

تُعتبر الجمال رمز للصبر والتحمّل والقوة في الثقافة الإماراتية، ولها مكانة كبيرة في حياة أهل الصحراء، إذ كانت وسيلة النقل الأساسية على مرّ العصور، بفضل قدرتها على السير لمسافات طويلة وتحمل الظروف القاسية. لذلك، يُنصح الزائرون بإظهار الاحترام لهذه الحيوانات وللتقاليد المتّبعة في السوق.

يفتح السوق أبوابه يومياً للزوار، ويُنصح بارتداء ملابس محتشمة احتراماً للعادات المحلية. ويُعد من الممتع مراقبة البائعين والمشترين وهم يتبادلون الحديث والمساومات في أجواء حيوية تقليدية. في بلد يشتهر بمدنه العصرية مثل أبوظبي ودبي، يشكل هذا السوق نافذة على الماضي وفرصة للغوص في عالم ظلّ محافظ على طابعه الأصيل لقرون طويلة.

 

حصن المقطع

يُعد حصن المقطع من أقدم المعالم التاريخية في أبوظبي، إذ يعود تاريخه إلى أكثر من مئتي عام. ورغم أنه أُعيد ترميمه في فترة من الزمن، إلا أنه أُغلق لاحقاً بعد توقف مركز الزوار فيه، ومع ذلك هناك خطط لإعادة تأهيله وإحيائه مجدداً ليعود جزء فاعل من التراث العمراني للمدينة.

يقع الحصن بجانب جسر المقطع، وتجاوره البرج المراقب الذي كان يطل على مصب المياه لمراقبة أي تحركات قادمة من البحر. وقد بُني الحصن عام 1793 لحماية المدخل البحري لأبوظبي، ولعب أدوار مختلفة عبر السنين، منها مقر سكني ومبنى للجمارك، ثم أصبح مؤخراً موقع سياحي بعيد عن الزحام.

 

يضم الموقع متحف صغير يقدم نبذة عن تاريخ المنطقة من خلال عروض ولوحات تفاعلية مميزة، وهو وجهة مثالية للمهتمين بالتاريخ الإماراتي القديم. ويُعتبر حصن المقطع شاهد حي على بدايات نشوء المدينة ودورها في حماية السواحل الإماراتية.